سبب نزول الآيات
سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: "
وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ" الآية 2 .
قال مقاتل والكلبي: نـزلت في رجل من غَطَفَان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم طلب المال، فمنعه عمه، فترافعا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنـزلت هذه الآية، فلما سمعها العمّ قال: أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع إليه ماله، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "مَن يُوق شحّ نفسه ورجع به هكذا فإنه يحلّ داره"، يعني جنته، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثبت الأجر وبقي الوزر" فقالوا: يا رسول الله، قد عرفنا أنه ثبت الأجر، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال: "ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده".
قوله تعالى: "
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى" الآية 3 .
أخبرنا أبو بكر التميمي، أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا الآية. قالت: أنـزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ولها مال وليس لها أحد يخاصم دونها، فلا ينكحها حبًّا لمالها، ويضربها ويسيء صحبتها، فقال الله تعالى: "
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ" يقول: ما أحللت لكم ودع هذه. رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أُسامة، عن هشام.
وقال سعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي: كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء، ويتزوجون ما شاءوا، فربما عدلوا وربما لم يعدلوا، فلما سألوا عن اليتامى، فنـزلت آية اليتامى: "
وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ " الآية، أنـزل الله تعالى أيضًا: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى الآية. يقول: كما خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن، فلا تزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن، لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز، وهذا قول ابن عباس في رواية الوالبي.